آخر المواضيع

تمريض

تجربة ممرض و 20 نصيحة من ذهب




كانت الساعه تشير إلى السابعه مساء٬ ما يعني أن قسم الطوارئ الذي أعمل فيه منذ قرابة الشهر بعد تخرجي يعج بأفواج المرضى والمراجعين والمتفرجين. فهذا يتألم وذاك ينادي وآخر يشتم٬ الكل يرغب في خدمته أولآ, وبين هذا وذاك وأنا حائر بين الجميع لفت انتباهي منظر شيخ جليل قد اشتعل رأسه شيبآ وهدت عظامه النحيله عثرات السنين٬ يحمل طفلآ يبكي بشده ويتألم (حوالي ثمان سنوات). وما أن رآني أمعن النظر فيه حتى تقدم نحوي طالبآ المساعده وقال لي بلهجته البدويه الأصيلة :

- أفزع عليه تكفى ,الحق ولدي!
نظرت إلى طفله وقلت : 
- سلامات وش عند الولد ؟
أجاب على الفور: 
- والله مدري ياولدي أخاف انه لدغته عقرب
أشرت له إلى سرير غادر منه مريض قبل لحظات وقلت له: 
- الحق ما تلحق وانا أحضر الدكتور.

أحضرت الطبيب المناوب وبعد الكشف عليه اتضح أنها لدغة عقرب فعلآ، وأن حالة الطفل شبه خطيره. حيث بدء العرق يتصبب منه وكذلك بدء بالإستفراغ وهي من علامات تأثير السم على الطفل_عندها أمرني الطبيب على الفور بقسطرة وريده وإعطاءه محلول وريدي (Serum) وحقنه بالمصل المضاد لسم العقارب في الوريد بعد عمل إختبار للحساسيه . وبعض الأدوية :
إبره في الوريد (موسعه للشعب الهوائيه) وإبره مسكنه للألم (فولتارين) تعطى في منطقة الورك ولا تعطى إطلاقآ في الوريد وذلك لخطورتها على القلب..
في هذه الأثناء حضر حادث مروري لقسم الطواريء(حوالي أربعة شباب) فبدأت بإعطاء الطفل إبرة اختبار الحساسيه تحت الجلد (إنتظار خمسة عشر دقيقه) تمهيدآ لإعطاءه باقي العلاج ...

استقبلت المصابين ووضعتهم على الأسره حتى يراهم الطبيب. كانت حالة أحدهم خطيره نتيجة ضربه بالرأس وبدأ معدل التوتر يتزايد تدريجيآ وماهي إلا دقائق حتى وصل أقاربهم وذويهم. وكان من بينهم من ينتقد عملنا أو يقف للمشاهده ورواية ما يصادفه في قسم الطواريء من مآسي وعبر.
تذكرت صديقي الطفل بعد حوالي النصف ساعه وعندما رأيته كان مازال يبكي ويتألم، وباشرت إكمال علاجه.
بدأت بإعطاءه إبره في الوريد وقد لاحظت شيئآ غريبآ لأني ما أن انتهيت من إعطاءه الإبره حتى هدأت حركة الطفل وتوقف عن البكاء وغط في نوم عميق. عندها فقط أدركت أني ارتكبت خطأ جسيمآ فقد بدلت بين الإبر فبدل أن أعطيه إبرة الفولتارين في الورك أعطيته في الوريد!!
وقفت مشدوهآ للحظات أنظر إلى الطفل ومن ثم نظرت إلى والده الذي ابتسم لي ابتسامه عريضه تنم عن رضاه التام عما صنعت وقال:
- الله يعطيك العافيه شوف كيف رقد الولد طوالي. وبالتأكيد هو لايعلم ماقد يحصل لطفله.

ركضت مسرعآ صوب الطبيب الذي كان منهمكآ في الحادث وأخبرته بالمصيبه. ترك كل شيء في يده والتفت إلي صائحآ: - ماذا!!.
قلت له نعم قد أعطيت إبره بالخطأ في الوريد. وضع يده على فمه إشاره إلى أن أخفض صوتي وركض للطفل يتحسس نبضه ومن ثم سار لاستدعاء اخصائي الأطفال المناوب. أما أنا فلم أستطع تحمل نظرات الإرتياح والإعجاب من قبل والد الطفل ورجعت أساعد في الحادث.

حضر الأخصائي بسرعه ونظر إلي نظرة لوم على ما صنعت، وبدأ مره أخرى في فحص العلامات الحيويه للطفل المسكين وقد وجد نبضه سريعآ والضغط منخفض وحاول إيقاظه ولكنه لم يستيقظ وكأنه في غيبوبه. أوكل المهمه هذه المره لممرض آخر بدلآ عني في إعطاء بعض المحاليل والإبر . بينما صار حجمي مثل الذره من شدة الإحراج وقد زاد الموقف صعوبه عبارات المديح من والد الطفل التي كانت تنهال على رأسي كالمطارق.
لم يخطر ببالي وأنا في بداية مشواري المهني ولو للحظه ماقد يحصل لي من تحقيق أو نقل تأديبي أو حتى فصل. كل ما كان يشغلني حياة الطفل وأن أكون سببآ في تعاسة أهله إذا توفي - لا سمح الله - والأمر الثاني ماذا ستكون نظرة ذلك الأب إذا اكتشف حقيقة ماعملته مع إبنه ولو من غير قصد؟ بالطبع لم أكن مدركآ مدى خطورة هذه الإبره إذا أعطيت في الوريد ولكن توقعت أسوء الإحتمالات.

مرت حوالي الساعه والنصف وقد كنت أعاين العلامات الحيويه كل عشرين دقيقه حتى جاء الفرج...
بينما كنت أعاينه في المره الأخيره تحركت إحدى يديه قليلآ وما إن نظرت إليه حتى فتح عينيه أخيرآ. بالطبع كدت أقفز من الفرح وذهبت بنفسي هذه المره كي أخبر الأخصائي الذي حضر وأيقظه وأمره بأن يمشي قليلآ حتى يتأكد أنه بخير ومن ثم أوصى بتنويمه تحت الملاحظه مع أن الخطر قد زال. حضرت لزيارته في اليوم التالي ولكنه كان قد غادر المستشفى وهو بصحه وعافيه ولله الحمد.

تذكرت هذه الحادثه بعد مرور بضع سنوات وأحببت أن أهمس في أذن كل ممرض وممرضه وأذكرهم ببعض التعاملات وهم أدرى بها مني:

- أبدأ باسم الله قبل البدأ في أي إجراء تمريضي واجعلها ديدنك في كل أمورك الحياتيه
- المعامله الحسنه لاتحتاج إلى إمكانيات
- لن يأتيك مريض أو مراجع إلا إذا كان له حاجه فتواضع في خدمته
- الإبتسامه في وجه أخيك المسلم صدقه والمريض أحوج ما يكون إليها
- أشعر المريض بثقتك في نفسك وابن علاقات صداقه مع كل المرضى
- عندما يتلفظ المريض أو المراجع عليك بما يجرحك أكظم غيضك واصبر وقدر ظرفه وأنت مأجور بإذن الله
- تعلم مهارات التعامل مع الجمهور و فن التفاعل الإيجابي والتحق بدورات تطوير الذات
- حاول تطوير مهاراتك التمريضيه دائمآ واستغل أوقات الفراغ في العمل
- أحرص على أخذ قسط كافي من النوم قبل حضورك للمستشفى حتى ترتاح أعصابك وتكون منشرح الصدر
- إذا شعرت بالتوتر أو الإجهاد أثناء العمل إستفرد بنفسك للحظات في جو هاديء واغسل وجهك
- نغمة هاتفك الجوال قد تشعرك بالإحراج أحيانآ فاختر نغمه مناسبه
- تعامل مع زملائك بكل احترام وصدق وصراحه وقدر حرمة المكان الذي تعمل فيه
- إذا سألك المريض أو المراجع بعض الأسئله حوله إلى الطبيب مباشره ولا تدخل في نقاش معه
- نظم العمل ووزعه بين زملائك بما فيهم أنت ولا تعمل أي شيء إرتجاليآ
- في حال أخطأت في أي إجراء تمريضي يمس حياة المريض إشرحه بكل صراحه ووضوح للطبيب
- إذا واجهتك صعوبه في التعامل مع الزحام استنجد بالمدير المناوب لمساعدتك في تنظيم الحالات
- جهز جميع أدواتك من محاليل وإبر وغيرها عند حضورك للعمل مباشره وكن مستعدآ
- أحمل بعض الأدوات الصغيره في جيب البالطو مثل المسحات واللاصق ومقص صغير
- تواصل دائما مع الأطباء باللغه الإنجليزيه ولو كنت لا تتقنها وكن جريئآ ولا تخجل
- التميز، الإبداع والقياده تبدء بتعزيز حس الإنتماء إلى المكان الذي تعمل فيه فاجعل المستشفى بيتك الثاني.

بقلم : خليل عسيري في إطار مبادرة شاركنا بمقال
شاركنا أنت أيضا تجربتك و نصائحك من هنا

تجربة ممرض و 20 نصيحة من ذهب مراجعة kkkk يوم 10:57 ص التقييم: 5

ليست هناك تعليقات:

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

يتم التشغيل بواسطة Blogger.