فضائح قطاع الصحة... من المسؤول ؟

إنها خطوة إيجابية و مبادرة جريئة تلك التي قام بها الأطباء، بكشفهم للفضائح والمشاكل التي يتخبط فيها قطاع الصحة بالمغرب، عن طريق صفحة فيسبوكية بنشر صور صارخة مجسدة للواقع المأساوي و الوضع الكارثي لجل مستشفياتنا، من بنية تحتية مهترئة و معدات طبية في أسوء حالاتها، واكتظاظ للأقسام الطبية بالمرضى و ولادات حوامل على الأرض و نقص حاد للأطر الطبية و التمريضية و للتجهيزات البيوطبية، و قلة للنظافة ووجود الجرذان و الحشرات في مستشفياتنا....لكن ماذا لو كنا أكثر موضوعية في كشف المستور ، ماذا لو كنا أكثر جرأة في كشف الأوراق و الفضائح بدون استثناء، ابتداء من تلك المتعلقة بأكبر مسؤول في شخص الوزير، مرورا بالمدراء الجهويين و المندوبين و مدراء المستشفيات و كذا الأطباء و الممرضين، إلى أضعف عناصر الحلقة من حراس الأمن و عمال النظافة....ماذا لو تعاملنا مع هذه المشاكل بكل مصداقية و شفافية، ماذا لو اتسمنا بالنزاهة و الضمير المهني، ووحدنا الصفوف أطباء و ممرضين لمحاربة كل رؤوس الفساد من مرتشين و مختلسين للميزانيات و متلاعبين بالأرواح البشرية، ماذا لو طهرنا القطاع من جراثيم الفاسدين و عقمناه من الدخلاء...

نعم هناك رشوة، محسوبية، سوء معاملة للمريض من طرف بعض عديمي الضمير، هناك غيابات عن مقرات العمل، و سوء تدبير للموارد، هناك اختلاسات و فساد بالقطاع، هناك الطالح و في المقابل هناك الصالح: أشخاص شرفاء يضحون من أجل خدمة المريض، هناك تحمل للظروف المزرية للعمل من طرف الممرضين و الأطباء، و عنف جسدي و نفسي في حق الشغيلة الصحية، هناك غياب للحماية القانونية و تعرض للأخطار الصحية و العدوى، هناك تدني للأجور و غياب التعويضات المادية، هناك مشاكل لا تعد و لا تحصى يعاني منها الممرضون و الأطباء بالمغرب.

و كما يقال "أهل مكة أدرى بشعابها"، فنحن كأطر صحية الأقرب إلى بؤرة المشاكل ونحن الأجدر بتقييمها، ليس كما هو الحال بالنسبة لبعض الصحفيين أو أشباه الصحفيين الذين يجهلون طبيعة و ظروف عملنا و يكتفون بتحريك أقلامهم من أجل الانتقاد اللاذع و زرع الفتنة، و تهييج الرأي العام المغربي، الذي صار ينظر إلى أصحاب الوزرة البيضاء على أنهم "وحوش آدمية" لا "ملائكة رحمة".

في ظل كل هذه الأحداث و المتناقضات التي يتخبط فيها قطاع الصحة، لا يمكن استثناء السيد الوزير أو تبرئته من المشاكل المتفاقمة، فهو المسؤول الأول والأخير عن الوضع...فقبل محاسبتنا على أخطائنا و إشارة أصابع الإتهام صوبنا، عليك السيد الوزير تحسين ظروف عملنا و الوفاء بوعودك التي قلما تحقق منها شيء.

بقلم : نادية الدمناتي