آخر المواضيع

تمريض

حوار مع ممرض حكيم





كان يوما غائما، و حناجر الممرضين تطالب بالتغيير، رايات حمراء في الأفق و شعارات رنانة تناقلتها رياح العاصمة،إنه اليوم العالمي للتمريض.
بعد إنتهاء الوقفة جلست أنا و صديقي في إحدى المقاهي المقابلة لإسترجاع أنفاسنا.
تنهدت و بادرته :
- لا جديد.. مر عام و أعوام و لا شيء جديد ... التاريخ يعيد نفسه
صمت صديقي لبرهة و أومأ برأسه مؤكدا.
- التاريخ لا يعيد نفسه كما يشاع لكن الانسان يكرر غبائه
كان ذاك صوت رجل عجوز بمحاذاتنا، تبين أنه ممرض متقاعد في أرذل العمر ، سألته بعد أن قدمت نفسي:
- ماذا تعني بكلامك.. و بحكم خبرتك ما رأيك في ما آل إليه حال التمريض اليوم؟
- حال التمريض لم يتغير كثيرا...أو بالأحرى بنيته لم تتغير..فمازال ينقسم إلى ثلاثة أقسام :
  
واع :

ينقسم إلى 3 فئات :

  • فئة توفرت لها الظروف و تابعت دراستها الجامعية. أغلبهم غيّر إطاره أو مجال عمله.
  • فئة مضطلعة على الواقع المزري الذي يعيشه الممرض و الظلم و الحيف و التهميش الذي يطاله و الإكراهات التي ستواجهه في المستقبل. هؤلاء توجهوا للعمل النقابي و التنسيقيات و الحركات لأن النضال و التحسيس و الضغط المستمر هو السبيل الأوحد للتغيير.
  • فئة واعية محبطة : هؤلاء يرون أن التغيير لا يمكن تحقيقه في ظل غياب فكر جماعي موحد و إنقسامات داخلية و تغييب المصلحة العامة التمريضية، و تماطل و إتكال الأغلبية رغم إيمانهم بالقضية لأن الإيمان يتطلب الإلتزام و هو ما تفتقده الأغلبية الساحقة في فئات التمريض للأسف.يتجه هؤلاء إلى البحث عما يخرجهم من حالة الإحباط التي يعيشونها فيتجهون إلى العمل في المصحات، التدريس في المعاهد الخاصة، أو حتى متابعة الدراسة بالجامعات، فالبعض يكفيه الأمل كتحفيز...

غير واع :

أو بالأحرى غير واع بقوته و قدرته على فرض التغيير، يتميزون بحبهم للوصاية و تحميل المسؤولية للآخر. يتحدثون عن الماضي و يعيشون الحاضر و لا يفكرون في المستقبل. لا يحبون الخروج من فقاعة الأمان "الشفافة و الكاذبة" التي يحاطون بها.أغلبهم إنهزاميون بطبعهم.

فاسد :

و هم المرتشون و المستفيدون من الريع الإداري و الفراغ القانوني و التسيّب، مبدأهم في الحياة -إن كان لهم مبدأ- هو : " أنا و من بعدي الطوفان "،" الغاية تبرر التدويرة " ، فهؤلاء الضباع يلجون ميدان التمريض و غايتهم الوحيدة جمع المال و إستغلال ضعف الآخرين. الحمد لله أنهم قلة، و لكنهم يكسرون أي تحرك نحو التغيير.

- إذن كيف سينهض الممرض ؟
- عليه أن يؤمن " حقّا " بأن التغيير ممكن، و أن ينظف بيته من الفاسدين و يحفز المحبطين بأن تحسن مستقبل مهنتهم هو أملهم الوحيد نحو غد أفضل و كريم، و أن يستمر في النضال و التحسيس. و ينتظر...
- ينتظر ماذا ؟
- أن يخرج زميله رأسه من فقاعة الأمان أو أن تتفرقع عليه فيجد نفسه خارجها مجبرا..و..
رن هاتف العجوز فجأة. غمرت إبتسامة و جهه و هو يتطلع إلى إسم المتصل.
إعتذر و قال بفخر:
- إنها حفيدتي...
ثم نهض متثاقلا و قال :
- لا تنسى أن تبقى إنسانا
حوار مع ممرض حكيم مراجعة أسرة التمريض يوم 2:02 م التقييم: 5

ليست هناك تعليقات:

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

يتم التشغيل بواسطة Blogger.