ممرضون لـ «السجن»!
وحيد مبارك - الإتحاد الإشتراكي
عاشت الشغيلة التمريضية ما بين 2 مارس ومطلع الشهر الجاري، على إيقاع وتفاصيل حادثين مؤلمين، مؤثرين، أحدث كل منهما لوحده رجّة في أوساط هذه الفئة من مهنيي الصحة، التي بات كل منتسب إليها، من الإناث أو الذكور، على حدّ سواء، يضع يده على قلبه وجلا وهو يتوجه صباح كل يوم صوب المؤسسة الصحية التي يشتغل فيها للقيام واجبه، خوفا من التعرض لحادث شغل، لن تحميه من تداعياته وتبعاته الصحية، المادية والنفسية، الوزارة التي ينتمي إليها، ووجلا من أن يجد نفسه متابعا قضائيا بتهمة، وهو الذي لم يكن يوما من الأيام يعتقد أن عمله قد يجعل منه متهما في عين القانون، أو قد يتم الزجّ به في السجن، وحذرا من أن يكون عرضة لاعتداء من طرف مرافقي مريض من المرضى تحت مبرر من المبررات، نتيجة للشحن الرسمي الذي تسقط تبعاته العنيفة على أجساد الممرضين!
الحدثان ليسا سوى الحادث الأليم الذي تعرضت له «هند تيدارين»، التي ناشد الجميع وزير الصحة للتكفل بوضعها الصحي، وتحمل مصاريف علاجها من أجل الخضوع لعملية جراحية، تساهم في تمكينها من عودة البسمة إلى شفاهها، وتنقذها من شلل يرخي بوقعه على يومياتها، دون أن يستجيب لهذا المطلب الجماعي. أما الحادث الثاني، وهما حادثان للأسف بنون النسوة، فهو الذي تعيش على إيقاعاته المظلمة «سماح سعودي» ممرضة التخدير والإنعاش، المتابعة قضائيا بتهمة «القتل الخطأ» على إثر وفاة مريضة، علما بأن الممرضة لم تقم إلا بتنفيذ ما أُمرت به من طرف الطبيب المسؤول؟
حادثان يقعان على بعد أيام من تخليد مهنيي الصحة من الممرضين، لفعاليات اليوم العالمي للتمريض، الذي يصادف يوم الخميس المقبل 12 ماي الجاري، وهو ما يجعل هذه الفئة من الشغيلة الصحّية، تطرح على نفسها قبل غيرها، جملة من علامات استفهام، حول واقعها المزري، وهي التي تطالب بالمعادلة العلمية والإدارية، وبتطوير الموارد البشرية بتخصيص مناصب مالية للتشغيل، بغية تقليص الأعباء عليها ولو نسبيا، بالنظر إلى الضعف الكبير في أعداد الممرضين وتعدد مجالات تدخلاتهم، علما بأن هناك أكثر من 4 آلاف ممرض عاطل عن العمل، مما يؤدي إلى رفع ساعات العمل، في ظل تعويض إن لم يكن منعدما فهو بخس وهزيل، وتنادي بتوفير الأمن لها، وهي التساؤلات التي تطلّ كذلك على المستقبل الغامض، المفتوح على المجهول. فبأي كيفية سيخلد الممرضون حدثهم العالمي لهذه السنة، وكيف سيستقبلونه؟ وهل سيحسون في ظل هذا وغيره من التناقضات التي يعيشونها بشكل يومي، بفخر الانتماء؟ أم أنهم سينظرون إلى ساعات العمل باعتبارها جزءا من القدر والقضاء؟
أن يؤدي الممرض واجبه على أكمل وجه، وأن يرضي ضميره، وأن يخدم كما ينبغي مريضه، فهذا أمر مفروغ منه، ولا تنازل عنه، وأي إخلال في هذا الصدد يجب أن يكون موضوعا لمساءلته. وأن يمارس الممرض مهامه في ظل الحيف الإداري، والضعف المؤسساتي، والنقص الكمي والكيفي، للعنصر البشري والعتاد التقني، مع تبعاته، فقد يرتضيه قهرا مع مطمح تغييره، وتشبثه بالأمل في أن يستفيق يوما على وضع قد تم تصحيحه. أما أن يسقط أرضا ولا يجد من أجل الوقوف من يسانده ، ويعنّف ويغيب من يدافع عنه، ويقوم بمهامه فيكون الجزاء هو مقاضاته، فبكل تأكيد لا يمكن للممرض أن يُحس أكثر من هذا ألما، وأن يعيش أعظم من هذا قهرا!
ممرضون لـ «السجن»!
مراجعة أسرة التمريض
يوم
11:50 م
التقييم:
ليست هناك تعليقات: